أخر الاخبار

قصة – طموح جارية (شجر الدر) | الفصل الأول (دعاء)

قصة – طموح جارية (شجر الدر) | الفصل الأول (دعاء)


1- التوسل إلى الله:

((ارتقى المؤذن درجات المئذنة العالية ثم خرج إلى شرفتها المستديرة، وأخذ يشق بصوته الرخيم سكون الليل، قُبيل الفجر يتوسل إلى الله ويدعوه أن يفرج الكرب، ويدفع البلاء ويرد عن أمة العرب ما يَحيق بها من بلاء الفرنج، وشرور التتار))

((وقد جلس المصلون في المسجد خاشعين لله، متجهين إلى القبيلة، يؤمنون على دعائه، كما يسألون ربهم المجيب أن يلهم العرب الصواب وينبههم إلى ما يُحيط بهم من الأخطار، وأن يعودوا إلى وحدتهم ليتمكنوا من تطهير أرضهم من الفرنج الذين دنَّسوها، وما فعلوا ذلك إلا حين رأوا ضعف العرب بسبب نزاع أمرائهم على الملك وتطاحنهم على السلطان)).

2- شجر الدر تدعو الله وتشكره على نعمه:

((وفي القصر الكبير القريب من المسجد، وقفت فناة في مُقتبل الشباب ونضرته تستمتع إلى صوت المؤذن رافعة كفَّيها إلى السماء تتوسل إلى الله وترجوه أن يجيب دعاء المؤمنين، وأن ينتقم من الطغاة الظالمين)).

((حكمت على يا ربِّ أن أكون جارية تُباع وتُشترى، بعد أن مزق التتار شمل قومي وقوَّضوا مُلكهم، وأزالوا سُلطانهم، ثم أدركتني رحمتك، حين اشتراني رجل كريم، أحبَّني، ووثق بي، هو الأمير الصالح (نجم الدين أيوب) ابن الملك الكامل حاكم مصر وأعطيتني حُريتي حين رزقتني منه بابني (خليل) فأصبحت بذلك من الحرائر وتخلصت من الرِّق)).

فيا ربِّ احفظ ابني وسلَّمه لي، وساعد زوجي الصالح (نجم الدين أيوب) على أن يعود إلى مصر سلطانا عليها.

3- ذكريات جميلة وحُلم الوصول لحكم مصر:

ولما فزع المؤذن من توسلاته، وانتهى من أذانه دخلت القصر، وقامت إلى صلاتها، فادَّتها، ثم جلست على أريكتها، وأطلقت العنان لخيالها وحدَّثت نفسها عن مصر وقالت:

4- شجر الدر تشتاق إلى مصر:

(("وهل ينسى أحد مصر؟ وما دخلها أحد وأحب أن يفارقها، وما غاب عنها إنسان، وزايله خيالها. ومن ذا الذي لا يشتاق إلى النيل، وهو يختال بين شاطئيه، كأنه شعاع من لؤلؤ على بساط من سندس ومن ذا الذي لا يحب شعب مصر؟ فهو شعب لطيف ودود حليم كريم.

إن مَن يحكم مصر يستطيع أن يفعل الكثير، فمصر قوة هائلة بشعبها وجيشها، يخشى العدو بأسها، وبجيشها وجيش الشام نستطيع أن نصد خطر الفرنج، وأن نهزم التتار")).

5- عقبات في الطريق إلى حكم مصر:

"ولكن كيف السبيل إلى حكم مصر؟ إن دون ذلك عقبات كثيرة.

وأكبر عقبة تتمثل في (سوداء بنت الفقيه) زوجة السلطان الكامل حاكم مصر والشام، لقد استطاعت أن تجعله يخلع ابنه الصالح نجم الدين أيوب من ولاية العهد وأن يولى مكانه ابنها سيف الدين وهو أصغر من زوجي وأقل منه كفاءة.

ولم تكتف بإقصاء زوجي عن ولاية العهد، بل دفعت أباه السلطان الكامل أن يُقضيه عن مصر، حيث جعله أميرا على الثغور في الشام في مواجهة الأعداء ليخلو الجو لها ولابنها سيف الدين وكيف السبيل إلى حكم مصر وهناك عقبات آخر تتمثل في التتار الذين يُسرعون إلينا في ضراوة ليكتسحوا البلاد كما اكتسحوا غيرها.

وفي الروم الذين لا تهدأ جيوشهم وفي أمراء بني أيوب وهم متنازعون متباغضون بعمل كل منهم لنفسه غافلا عما حوله ناسيا ما يحيط به من الوحوش الضاربة، لا يعرف أن الذئب بأكل من الغنم القاصية"

العقبات كثيرة ولكن الأمل غالٍ، يستحق أن نعمل لتحقيقه، وأن نُضحي في سبيله.

استغرقتها هذه الفكرة، ولم تشعر إلا وقد أشرقت الشمس وغمر ضوءها المكان ودبَّت الحركة فيه، ثم سمعت صوتا يناديها في اهتمام قائلا:

6- حوار بين نجم الدين وشجر الدر:

"مولاي الأمير في انتظارك يا سيدتي! فهبَّت واقفة، ثم سارت متهادية، باسمة الثغر، مشرقة المحيَّا إلى حيث الأمير الذي صاح بها فرحًا يحييها تحية الصباح:

"أصبحتِ بخير يا شجر الدر، بل أحلى من شجر الدر، بل أحلى من الدر كله".

ثم جلسا يتناجيان وحدثته عما دار في خاطرها منذ أدَّت صلاة الفجر، وعن أملها في حكم مصر، وعن العقبات التي تحول دون ذلك.

- فقال لها: "لقد نسيتِ عقبة مهمة".

- ما هي؟

- "يعوزنا جيش قوي، نواجه به الأعداء، ونحقق به الآمال".

- "هذا أمر سهل ويسير أنسيت قومي من الخوارزمية الذين كانوا أتباع السلطان (جلال الدين الخوارزمي) وهم محاربون أقوياء؟ وسوف أعمل على توثيق علاقتك بهم، وسوف يكونون عونا لك وقت الحاجة".

- "شكرا لكِ يا شجر الدر، فأنت خير عونٍ لي في هذه الحياة".

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -