أخر الاخبار

قصة – طموح جارية (شجر الدر) | الفصل التاسع (الوحدة طريق النصر)

 قصة – طموح جارية (شجر الدر) | الفصل التاسع (الوحدة طريق النصر)

قصة – طموح جارية (شجر الدر) | الفصل التاسع (الوحدة طريق النصر)


1- غصب الشعب العربي من الفرقة:

((غضب الشعب العربي للفرقة والانقسام والخلاف الناشب بين حكامه من الملوك والأمراء، وأخذ ينظر في حسرة إلى تلك القوة المهدرة التي يضيعونها في الحروب بينهم، ويتركون الفرنج يحتلون بلادهم وتمنى المخلصون من الشعب العربي في القاهرة ودمشق لو أن حكامه اتحدوا ووجهوا تلك الجهود إلى محاربة العدو)).

2- تكوين جمعيتين سريتين بالقاهرة ودمشق:

((وقد تكونت من هؤلاء المخلصين جمعيتان سريتان إحداهما بالقاهرة والأخرى بدمشق، وأخذت كل منهما تعمل على بث الكراهية للفرنج ومن يلوذ بهم، وعلى توحيد الصفوف، وتعبئة القلوب ليوم الفصل.

وكان من البارزين في جمعية القاهرة أبو بكر القمَّاش، ذلك التاجر المصري الشهم الذي رصد جزءا كبيرا من ثروته الواسعة، للجهاد في سبيل الله والوطن، وقام بدور كبير في التهيئة لعودة نجم الدين إلى مصر، كما كان من البارزين في جمعية دمشق الشيخ عز الدين بن عبد السلام، العالم الكبير، الذي ذاعت صراحته، وإقدامه وتمسكه بالحق ومواجهة المخطئين بأخطائهم، لا يخاف أحدا ولا يخشى سوى الله وكان الاتصال مستمرا بين هاتين الجمعيتين، وكان أنصارهما يزيدون يوما بعد يوم.

ومنذ ولى نجم الدين مقاليد مصر، وجمعية القاهرة تجهر برأيها وأنصارها يتكاثرون)).

3- دعم شجر الدر لجمعية القاهرة:

((وكانت شجر الدر على صلة وثيقة بهذه الجمعية منذ كانت دمشق، وزادت صلتها بها حين جاءت إلى مصر، وشجعتها وامدتها بالمال، كما حظيت هذه الجمعية بتأييد السلطان لهم، ودعمه جهودهم.

ولم تكتف شجر الدر بدعم هذه الجمعية، بل تقربت إلى الشعوب بالعطاء الوافر والهبات الكثيرة، ورعاية المحتاجين والعطف على البائسين، لا تترك مناسبة إلا وسعت عليهم ولا ضائقة إلا فرجتها بما يستعينون به على حياتهم، ولم تنس السيدات، فقد وطدت علاقتها بهنَّ، فازددن محبة لها وثناء عليها)).

4- سياسة نجم الدين لا تعجب الحاقدين:

((أما السلطان نجم الدين فقد اجتهد في إصلاح البلاد، ورد المظالم، وتثبيت قواعد المملكة، وتعمير ما أفسده العادل وحاشيته.

لكن هذه السياسة الرشيدة لم ترق في أعين الحاقدين، فعملوا على هدمها، واجتمع إليهم كل حاسد وناقم)).

5- معاقبة الأمراء الحاقدين:

((ولم يكن السلطان غافلا من هؤلاء الحاقدين، فقد كانت له عيونه الذين يوافونه بكل كبيرة وصغيرة في البلاد، فلما تأكد لديه ما يقوم به الأمراء، قبض عليهم، وصادر أملاكهم وأموالهم، وقتل عددا منهم، ومن لم يدركه فرَّ إلى دمشق والتجأ إلى الصالح إسماعيل، وخرج داود خائفا من أن يصنع به ما صنع بالأمراء وعاد إلى الكرك ومعه ورد المنى ونور الصباح وسوداء بنت الفقيه)).

6- الصالح إسماعيل يستعين بالفرنج:

((ولما علم الصالح إسماعيل بما صنع السلطان نجم الدين، بالأمراء وما يستعد به الجنود من الأسلحة والذخائر والسفن الحربية، واشتد فزعه وبيَّت أمره على مبادرة نجم الدين قبل أن يسير إليه فكاتب الفرنج واتفق معهم على أن ينصروه على (نجم الدين).

وأعماه الحقد والخوف، فقدم لهم ما أرادوا من البلاد ثمنا لتلك المعاونة، كما عقد اتفاقا آخر على مساعدته، مع صاحب حِمص وصاحب حلب)).

7- غضب الشعب المصري والتصدي لإسماعيل:

((طار خبر هذا الاتفاق العجيب إلى مصر فهبَّ أعضاء جمعية القاهرة يستصرخون المسلمين، ويدعونهم إلى الجهاد والتطوع بالأنفس والأموال، لمحاربة عدو الله الصالح إسماعيل، وزادت شجر الدر من هباتها لهذه الجمعية، فزاد نشاطها، كما هب الأغنياء والموسرون يتبرعون بالأموال الضخمة في سبيل الجهاد)).

8- غضب أهل دمشق:

((أما دمشق فغلت مراجلها من شدة النار المشتعلة في الصدور، ثم زادها غليانا إذن إسماعيل للفرنج بدخولها لشراء السلاح منها، واندفاع أولئك الفرنج إلى ذلك السلاح وأدوات الحرب، يبحثون عنها في كل مكان، ويشترونها بما يعرض أصحابها من غالي الأثمان، فماجت القلوب في الصدور وهُرع الناس إلى العلماء يستفتونهم في هذه الجريمة، فأفتوا بتحريم بيع السلاح للفرنج، وبأن من يبيعه لهم آثم خارج عن الدين، مفارق للملة والجماعة)).

9- اعتقال الشيخ ابن عبد السلام:

((وجهر الشيخ عز الدين بن عبد السلام، لفتواه على منبر الجامع بدمشق، وأعلن أن الملك الذي أباح ذلك خارج عن دين الله، ناشز عن الجماعة، لا يصلح أن يكون ملكا للمسلمين، ثم قطع الدعاء له في خطبة الجمعة.

عند ذلك أمر الصالح باعتقاله فلم يُبال ابن عبد السلام باعتقاله، وفتح صدوره للموت، غير آسفٍ على الحياة، بعدما أدَّى واجبه نحو دينه ووطنه، لكن أنصاره الكثيرين أخافوا إسماعيل من مغبَّة عمله، واضطره إلى الإفراج عنه، فأخرجه مطرودًا إلى مصر)).

10- انتصار المصريين على إسماعيل وأتباعه:

((ولما أتم إسماعيل تجهيز جيشه اتجه به إلى مصر ومعه وأنصاره من الفرنج والتقى الجيشان جيش مصر وجيش إسماعيل وكانت المفاجأة أن انحاز كثير من جيش الشام إلى جيش مصر بتدبير من جمعية دمشق، وانقضوا على الفرنج يقتلونهم، ويقتلون من بقي مع إسماعيل حتى كادوا أن يُفنوهم جميعا، واستطاع إسماعيل أن ينجو بنفسه إلى دمشق)).

11- فرحة مصر بالانتصار العظيم:

((وفرحت مصر بهذا النصر العظيم وأبقلت شجر الدر تهنئ السلطان نجم الدين في حبور قائلة:

"دنا الأمل يا مولاي، وعلى يديك ستتوحد البلاد كما وحَّدها صلاح الدين، ويُطرد الفرنج منها أو يدفنون فيها، ويرد التتار يدفنون مع الفرنج".

قال نجم الدين في سرور:

"كنت أودُّ أن أكون مع الجيش يا شجر الدر أشاهد اندحار العدو وتشتته، وألاحقه وأقضي عليه".

قالت: "بل تقيم يا مولاي في مصر وتبعث بجيشك المظفر، فكل سيف يضرب إنما هو سيفك، وبيمنك يا مولاي يُهزم الأعداء، وميدان الإصلاح في مصر لا يقل خطرا عن ميدان السلاح!")).

12- أفراح النصر تمتزج بالحزن:

((فاقتنع برأيها وأرسل جيوشه تتبع انتصارا بانتصار فالتفت مرة أخرى بجيش إسماعيل والفرنج، واعادت الكرة عليهم إفناء وتشريدًا وأسرًا، واستمرت أفراح شجر الدر ونجم الدين بالانتصارات حتى كان الحدث الأليم الذي أصابهما بحزن شديد وتركهما في هم مُقيم وذلك حين مرض انهما خليل، ولم تجد معه محاولات الأطباء فقضي نحبه.

وبذل نجم الدين في تخفيف آلام شجر الدر، فقام معها برحلة نيلية لرؤية آثار مصر في جنوب الوادي.

ثم قال برحلة إلى أحضان الريف في شمال البلاد للاستمتاع بهدوئه الشامل وقضوا فيه أياما سعيدة)).

13- هجوم إسماعيل:

((حتى كانت أمسية من الأمسيات الرقيقة، ملأت قلب السلطان وشجر الدر بفائض الحبور، فإذا بالبريد يقبل مسرعا، فلما قرأه نجم الدين تغير وجهه، وتعكر مزاجه وصاح في غضب قائلا:

"لن تشرق الشمس حتى أطير إليه، ولن أعود إلا بعدما انتهى منه!".

ثم أعطي الكتاب إلى شجر الدر وهو يقول في غضب:

"إسماعيل هجم على حِمص! لا يريد أن ينتهي إلا بنزع فؤاده الذي بين جنبيه! سأورده مورد الهلاك، هو وسوداء بنت الفقيه وورد المنى ونور الصباح!".

ثم خرج بجيشه إلى دمشق)).

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -