أخر الاخبار

قصة – طموح جارية (شجر الدر) | الفصل العاشر (أحلام الأشـــرار)

 قصة – طموح جارية (شجر الدر) | الفصل العاشر (أحلام الأشـــرار)

قصة – طموح جارية (شجر الدر) | الفصل العاشر (أحلام الأشـــرار)


1- تاجر من صقلية يريد مقابلة نجم الدين:

((دخل الحاجب على الملك نجم الدين وهو في مخدعه بقلعة دمشق قد برحت به العلة وألزمته الفراش، واستأذن لتاجر كبير من تجار جزيرة صقلية، أبى أن يصرح بما جاء من أجله، ولم يرص إلا بمقابلة الملك نفسه، والإفضاء إليه بما يريد.

- وماذا يحمل هذا التاجر من البضائع؟

- لا شيء يا مولاي، سوى من ملك تلك البلاد!

- وما شأن التجار والرسائل الملكية؟!

- لعله يحمل توصية لمولاي، في صفقة يريد أن يعقدها معنا!)).

2- ارتياح نجم الدين لرأي شجر الدر:

((فعقبت شجر الدر قائلة:

"ولعله جاء في أمر خطير غير التجارة، فقد يكون كبيرا من رجال ذلك الملك، أتى في زي التجار ليحكم التخفي ويكون بعيدا عن مواطن الشبهات".

قال الملك وقد ارتاحت نفسه لهذا الرأي:

"إذن يكون قد جاء لأمر مهم نافع، فليس بيننا وبين ملك صقلية غير المودة والعلاقات الطيبة، وهم يحترمون المعاهدة بيننا وبينهم كما نحترمها نحن. أدخلوه".

فلما مثل هذا المبعوث الصقلي بين يديه وحيَّاه، قدم إليه الرسالة ووقف ينتظر ونجم الدين يقرأ في عجب)).

3- حملة فرنسية (لويس) تتجه إلى مصر:

((حملة فرنسية ضخمة متجهة إلى مصر، اشترك فيها الكثير من الفرنج الطامعين في بلادكم، مزودا بالسلاح والرجال والعتاد يقودها لويس التاسع ملك فرنسا بنفسه، ومعه زوجته الملكة مرجريت، واثنان من إخوته: (روبرت آرتوا) و(شارل) (كونت آنجوا)، واثنان عمومته، وكثير ممن اشتركوا في الحملات الفرنجية السابقة، جاءوا يغسلون العار الذي لحقهم من جراء هزائمهم المتكررة في الحروب التي شنُّوها عليكم، وما لا يُحصى من المتطوعين والطامعين من أنحاء أوربا، فجعل الملك نجم الدين يتململ في فراشه والغضب يهزُّه وهم بالجلوس فأسندته شجر الدر)).

4- أسباب اتجاه الحملة الفرنسية إلى مصر:

((وأعاد النظر في الرسالة، ومضى يقرأ في عجب:

"لعب الشيطان برأس لويس، وخُيِّل إليه أنه قادر على تحقيق ما أخفق فيه سواه، وهو يتحدث بغرور عن غزو مصر، بعدما كان الاتجاه إلى بيت المقدس؛  لتخليصه من أيديكم، فقد أجمع من معه على أن مصر أحق بالغزو، فهي بموقعها تحمي ظهر العرب ضد الفرنج بفلسطين والشام، وتغذي بمواردها الهائلة جيوش العرب بالرجال والمال، وحدد بعضهم الاتجاه إلى دمياط بالذات؛ ليضربوا العرب فيها، وينتقموا من طردهم منها من قبل، وهي مع كل ذلك ورقة رابحة، يمكن استخدامها في المساواة عليها بمدينة القدس، إذا عرض السلطان الصلح، كما عرضه الكامل من قبل فوق أن الاستيلاء عليها بمد البيوت التجارية الأوربية الكبيرة بمساعدة الحملة على النصر؛ لأن لعاب تلك البيوت يسيل عليها".

"لويس مُوقن من أنه إذا فتح مصر تمكن من مفتاح الشرق كله، فيسهل عليه بعدها فتح القدس، وانتزاع ما بقي من بلاد الشام")).

5- ملك صقلية يحترم عهده مع نجم الدين:

(("أبحرت الحملة أيها الملك وقد أحببت أن أخطركم بها لتأخذوا حذركم ونحن معا على الوفاق واحترام العهد، فقد تعب لويس معي في نقض اتفاقي معكم والانضمام إليه، ولجأ بعدما استنفد وسائل الخداع إلى التهديد، ولكن هيهات!"

"سلامي واحترامي للسلطان العظيم".

فاض الغضب بنجم الدين وأخذ يهدد الفرنج ويتوعدهم وشجر الدر شديدة الألم، خوفا من أن يجتمع الغضب عليه مع العلة، فيزيده مرضًا، لكنه هدأ شيئا، والتفت إلى الرسول، وحمله جزيل الشكر لملكه الشجاع الأمين الوفيِّ، وأمر له بجائزة كبيرة، وخلة خالية معه برسالة تقدير للملك، ثم يطير الحمام توًّا بالخبر إلى مصر، وأن ينادي في الجنود بالرحيل من الغد إلى دمياط، فخرج الرسول وبقي هو وشجر الدر يتناجيان)).

6- إشفاق شجر الدر على نجم الدين من مشقة الجهاد:

((قالت في إشفاق وعطف:

"كيف يسير مولاي والطريق طويل، وهو في أعقاب علة شفاه الله منها؟!".

فابتسم وقال:

"بُوركتِ يا شجر الدر لم تسألي عن البقاء أو النهوض، بل سألت عن الوسيلة التي أسير بها! ول يعوقني الداء مهما عَظُم!"

ولماذا خُلِقَ نجم الدين؟! خُلِقَ للجهاد في سبيل الله، أعزُّ أمانيه أن يموت شهيدًا بين الأسنة فطعم الموت بينها أحلى من طعمه في الفراش، ولو كان لي جناح لطرت إلى مصر، وسوف نصل قلبهم بإذن الله. (يُرِيدُونَ ليُطفِئُوا نُورَ الله بِأَفوَاهِهمْ وَاللهُ مُتِمٌ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ). وقد قررت يا شجر الدر أن أُحمل في مِحفَة.

لا تخافي ولا تعجبي، فسوف تكون سريرا ناعما، لا أحس فيه بتعب ولا مشقة، فالإيمان القوي يُذلل الصعاب، ويُحيل القتاد حريرا ويجعل الملح الأجاج عذبا سلسبيلا)).

7- نجم الدين يصمم على التواجد بالمعركة:

((لا بد أن أشهد المعركة على رأس جيشي، أدفعه وعزمي فروح الجيش من روح قائده!

سأعيش يا شجر الدر حتى أشهد النصر العظيم، وأرى سيفي وهو يجز عُنق لويس المغرور وألقن الفرنج الدرس الأخير، ولن يحرمني ربي من ذلك المنظر البهيج".

فتهلل وجه شجر الدر، ولمحه نجم الدين فقال باسمًا:

"كنتِ خائفة أن يتخلف نجم الدين حتى يبرأ نجم الدين وُلِدَ على صهوة جواد وسيموت حيث ولد! لا تخافي (فَاللهُ خيرُ حَافِظًا وَهُوَ أرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)".

ولم يشرق الصباح حتى كان نجم الدين في محفة على الأكتاف يطوي الطريق مسرعا مع الجيش المُشمر حتى بلغ مصر فاتجه إلى (أشموم طناح)؛ ليكون قريبا من دمياط، ومن هناك يُدير المعركة ضد العدوان)).

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -