قصة – طموح جارية (شجر الدر) | الفصل الخامس (خدعة ومكيدة)
1- داود يترك مصر يأسًا من الملك العادل:
((قبل أن يصل رسول نجم الدين برسالته إلى دواد في مصر، كان داود قد ترك مصر حين يئس من الملك، وقطع الأمل من معاونته إيَّاه على بلوغ دمشق، وجاء إلى قلعته بالكرك وأرسل إلى نجم الدين، فماذا يريد داود من نجم الدين ...؟)).
2- رسولا داود إلى نجم الدين:
((وبينما نجم الدين يفكر في حاله، ويتدبر موقفه إذ بعماد الدين بن مُوسك وسُنقر الحلبي يأتيان إلى نابلس، ويستأذنان عليه، ويُسلمان قائلين في تبجيل:
"السلام على مولانا المعظم، سلطان مصر والشام، ومُنقذ العرب، ومُحطم الفرنج، وأمل هذه الأمة ورجائها!"
فعجب نجم الدين لهذه النغمة منهما، ورد السلام بأحسن منه، ثم ادناهما، وسألهما عن داود وأين هو الآن؟! فأسرعا قائلين في تَوَدُّد:
"هو في قلعة الكرك أيها السلطان العظيم، نبذ العادل وحاشيته، كارها لما تردى فيه من الفساد واللهو، وأتى يعتذر كل ما بدا منه في حقك يا مولاي، ويفتح معك صفحة جديدة ناصعة البياض".
فأطرق نجم الدين مليًّا يحدث نفسه قائلا في دهشة:
"عجبا ثم عجبا! كيف انقلب داود هذا الانقلاب، من عدو لدود إلى صديق حميم؟! رائحة الخيانة تفوح من أفواه هذين الرسولين!" ثم رفع رأسه وأظهر السرور بهما، والرضا بما يحملان من خبر.
وعندما رأى في أعينهما الرغبة في الإقامة عنده أياما، أمر لهما بخيمة فسيحة وقرى واسع، ثم جلس نجم الدين إلى شجر الدر، وأخذا يعرضان الأمور، ويفكران في هذين الرسولين وما قلا، وفيما وراء هذا الكلام المعسول)).
3- مطاردة جنود نجم الدين للأشباح:
((وبينما هما في حيرتهما هذه حيرتهما هذه إذا بأشباح تتحرك من بعيد لا يعرف أحد ما تكون ولا أين تقصده وفيما في عجب من أمرها، دوَّى الأمر بالنفير، وارتفعت صيحات عالية فزعة، تعلن قدوم الفرنج فأسرع رجال نجم الدين إلى صهوات خيولهم وهمزوها فطارت بهم إلى تلك الأشباح، ودخلوا خلفها في جوف الصحراء، ونجم الدين وشجر الدر يخترقان الأفق بعيونهما خلف المطاردين، حتى اختفت تلك الأشباح، واختفى الجنود معها)).
4- نجم الدين يُظهر شكه في الأمر:
((فالتفت نجم الدين إلى شجر الدر، وسألها في دهشة عما ترى في هذا الموقف العجيب، وعن الأشباح التي برزت فجأة وحكاية الفرنج المهاجمين، وأظهر شكَّه في أن يكون ذلك أمرا مدبَّرًا لإبعاد الجنود عنه، وإلحاق الأذى به، وجعل يدفع البصر ويُرهف السمع منتظرا أن يعود رجاله، ويعرف منهم خبر تلك الأشباح التي انطلقوا خلفها)).
5- أسر نجم الدين وشجر الدر:
((ولم يكذب حدسه فإذا بالظَّهير وعماد الدين أمامه، ومعهما بغلتان، كل منهما بغير لجام ولا سرج، والظهير يدعوه إلى واحدة منهما قائلا في سخرية:
"هيَّا يا مولاي إلى هذا المركب الوطيء".
- "إلى أين أيها الرجل؟!"
- "إلى قلعة الكرك يا مولاي؛ لترى ابن عمك المريض، يُثاب المرء رغم أنفه يا مولاي! ألا تحب أت تزور المرضى وتطمئن على الأهل؟! زيارة المريض واجبة يا مولاي، وما بالك إذا كان ابن العم؟!"
- - "وهل هذا مركب يليق بالسلطان يا ظهير؟!!"
فعلت قهقهة الظهير وهو يقول في شماتة:
- "أليس ركوب هذا الظهر خيرا من المشي على الأقدام؟! "
ثم أشار إلى البغلة الأخرى، وتقدم إلى شجر الدر وانحنى أمامها باسمًا، ثم رفع رأسه، وقال هازئًا:
- "وللسلطانة مركب مثل مركب السلطان! هكذا أراد الأمير داود يا مولاتي، وأمر مُطاع!"
وسار الركب حتى ابتلعها الظلام، ولما عاد مماليك نجم الدين من مطاردة الأشباح التي لم يعثروا عليها، وجدوا جُند داود في انتظارهم، يهجمون عليهم ويأسرونهم، ومعهم ورد المنى ونور الصابح، ثم تقدمت ورد المنى من قائد الأَسر بكتاب، رجته أن يبلغه الأمير داود)).
6- فرحة العادل وسوداء بأسر نجم الدين:
((ولم يكد العادل في مصر يعلم بما حدث لأخيه نجم الدي، حتى اهتزَّ مع القلعة فرحا، وأمرت سوداء بنت الفقيه، فأقيمت الزينات، ودقت الطبول، وطاف المنادون في الشوارع والأزقة، يبشرون مصر بأيام سعيدة، بعدما زال المنافس العنيد.
ويسأله أن يرسل إليه نجم الدين في قفص من حديد، نظيرا أربعمائة دينار وملك دمشق ثمنا لهذه الهدية الثمينة)).
7- دعاة الإصلاح والوحدة يجتمعون لحل المشكلة:
((أما أبو بكر القماش وأتباعه من دعاة الإصلاح والوحدة، فقد نزل الخبر عليهم صواعق راعدة، واجتمعوا في دار أبي بكر في حارة يرجوان يتشاورون في هذه النكبة، وسبحت أفكارهم في مصر والشام، وفي العالم العربي كله وما ينتظر له من الشقاء إذا جرت الأمور على هذا النحو، وعزم هؤلاء المخلصون على أن يسرعوا بحل لما هم فيه، ليلخصوا البلاد من هذا البلاء الداهم)).
0 تعليقات
نهتم بتعليقاتكم التي تفيدنا وتحفزنا في المزيد من خدمتكم