أخر الاخبار

 قصة – طموح جارية (شجر الدر) | الفصل السابع (انتفاضــــة)

قصة – طموح جارية (شجر الدر) | الفصل السابع (انتفاضــــة)


1- جماعة الإصلاح تقرر الثورة على (العادل):

((هزَّ الفرح جماعة الإصلاح والوحدة بنجاة نجم الدين، وأقبل بعضهم على بعض مُهنئًا، ثم اجتمعوا في دار القماش وجعلوا يقبلون الرأي في معاونة نجم الدين على دخول مصر، وإبطال كيد سوداء واتفقوا على أن تشبَّ ثورة عنيفة في مصر حين يخرج العادل للقاء نجم الدين، تُلجئ العادل إلى العودة سريعا دون السير، ثم خرجوا يدعون الناس سرًّا إلى اتفقوا عليه، ويبصرونهم بم اجيب على الشعب أن يصنعه، للتخلص من الحكام الجائرين، ويُبينون لهم أن البلاد مِلك الشعب، وأن الحاكم نائب عن الشعب، يبقى ما عدل، فإن ظلم أو انحراف وجب خلعه، وتولية من يُصلح، وأن السكوت على جور الحكام لا يقرُّه الشرع، بل يعتبر الساكت على الظلم شريكا فيه)).

2- سخط الأمراء الكاملية على العادل وحاشيته:

((وفي مكان ما من أحد القصور بالقاهرة كان الأمراء الكاملية وغيرهم من الساخطين على العادل وحاشيته يتدارسون الموقف، ويستعرضون ما انتهت إليه الأمور من السوء على يد العادل وعبثه ولهوه، وانصرافه عن شئون الدولة، واحتجابه عن الناس، وتركه الزمام للحاشية التي تتجرأ باسه على الإثم، وتفرض ما تشاء من الضرائب، وتقترف ما تهوي من أبشع الجرائم اعتمادًا على قُربها منه، وتلك الألوف من الدنانير التي تنثر على المساخر والعابثين والمضحكين والسُّمَّار الذين تحفل بهم القلعة من أول الليل إلى مطلع النهار، لا يفيقون ولا يعرفون سوى الكأس وبريق الدنانير التي تلقى إليهم دون رقيب ولا حسيب، ثم اتفقوا على خلع العادل والقبض عليه، وإرسال بعض الأمراء والكبراء إلى نجم الدين يحثونه على الإسراع بدخول مصر، ويطمئنونه بما يرون من الشعب)).

3- الشعب المصري عظيم لا يعرف الذل أو الاستكانة:

((وعندما بلغ نجم الدين ما اتفقت عليه سوداء بنت الفقيه والصالح إسماعيل حاف أن يُحصر بينهما وأخذ يفكر كيف يخرج من هذا المأزق ولما حدَّث شجر الدر في ذلك قال:

"لا أظن شعب مصر يسكت على العادل عبثه، وقد حدثتني يا مولاي طويلا عن هذا الشعب العظيم وخصائصه الجليلة وكيف أنه يصبر ما يصبر لكنه لا يسكت عن حقه ويهدأ ولكنه لا يستكين لغاصب ولا يذل لمعتدٍ "

ولم يطُل بهما الحديث فقد جاء الأمراء الذين أُرسلوا إلى نجم الدين يستأذنون عليه، ومن بعدهم أبو بكر القماش، جاء يُخبره بعزم الشعب على خلع العادل والقبض عليه فسرى عن نجم الدين وزال همُّه، وجعل يستمع إليهم مشرق الوجه)).

4- موكب نجم الدين في الطريق إلى مصر:

((وبعد غدٍ كان نجم الدين يقطع الطريق مشمرًا إلى مصر ومعه أبو بكر القماش وأمراء المماليك، وبعض كبار مصر، وداود صاحب الكرك، يفكر في الثمن الذي يظن أنه سيقبضه حين يبلغ مصر، وهودج شجر الدر معلنا الفرحة التي تملأ الأفئدة، حتى دخل الوكب الرمل بين العريش والعبَّاسة، فقابلتهم وفود مصر مُحيِّية مهنئة، ولم ينزلوا منزلا إلا قدم عليهم طائفة من الأمراء ومن الشعب، مستبشرين فرحين، حتى نزلوا بلبيس.

وعلى الرمال الصفراء المنبسطة هناك، كانت مضارب الجيش المصري تخفق فوقها الأعلام، أمامها صفوف من الجند، وقفت تستقبل الملك الصالح نجم الدين، طبولها تدقُّ وهتافها يرتفع إلى عنان السماء ونجم الدين وادود يمشيان بينهما حتى بلغا خيمة كبيرة حولها جنود أشداء يحيطون بها في حذرٍ وانتباهٍ)).

5- عقاب عادل لمن يظلم شعبه:

((ومن باب هذه الخيمة رأى نجم الدين أخاه العادل في وسطها مكبلًا بالأغلال، ذليلا فاقد الحول والطول، فلوى عنه وجهه وهو يقول مُعتبرًا:

"هذا جزاء الظالمين العابثين بأموال الناس ودمائهم وأعراضهم! إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفُلته".

ولم يتمهل ألقى أمره بالرحيل إلى القاهرة، فتحرك الجيش وصهلت الخيول واهتزت الهوادج، وقلب نجم الدين يخفق بالفرح، وقلب شجر الدر يفيض بالحبور، تودُّ لو طار بها الهودج وبلغ قلعة الجبل، قبل أن تفلت سوداء بنت الفقيه؛ لتلقى جزاءها)).

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -