قصة – كفاح شعب مصر | الفصل الخامس (إرادة الشعب وعزل الوالي التركي خورشيد)
1- شعب مصر يرفض الظلم:
((كان شعبنا المصري يتمسك بحريته وحقوقه، كان يرفض أن يستبد حاكمه أو يسرقه كما تُساق الأنعام كان يقف له بداية الأمر ناصحا محذرا، فإذا لم يستمع هذا الحاكم إلى نصيحته أو تحذيره، ثار عليه وتمرد وأنزله من عرشه وسلبه ملكه وسلطانه، وقصة خورشيد مع شعب مصر عام 1805م وما قبلها تبين لك شجاعة شعبنا وقوة إرادته)).
2- فساد خورشيد واستبداده:
((كان خورشيد والا فاسدا وحاكما مستبدا قاسيا لا يحب شعبه ولا يعرف الرحمة بالناس، كان كل همه في الحياة أن يجمع المال الوافر لينفقه على ملاذه ورغباته الشريرة الفاسدة.
كان يستعين في حكمه لشعبنا المجيد غير مصريين، لا هم لهم غير النَّهب والسَّلب والإضرار بالناس)).
3- وقعة مؤلمة أثارت غضب الشعب:
((غضب الشعب من أعماله الشريرة وتصرفاته السيئة، حتى بلغ الغضب غايته، وبدأت النفوس تثور وتغلي كما يغلي الماء على النار، ولم يبق إلا أن تقع من خورشيد وجنوده وقعة واحدة؛ ليعلن الشعب غصبته وثورته وعصيانه، وعندئذ يُنزله الشعب عن عرشه، ويجرده من جبروته وسلطانه، ثم يلقى به بعيدا عن هذه الديار.
ووقعت الوقعة في مايو 1805م عندما اعتدى جنود هذا الوالي على الأهالي اعتداء مؤلما، واندفعوا إلى الحوانيت فنهبوها وإلى المواطنين المارِّين في الشوارع والطرقات، فسلبوا ما كان في جيوبهم من مال حتى البائع الجائل خطفوا بضاعته وأكلوا ثماره وفاكهته.
شعر شعب مصر أنه ليس من الشرف ولا من الكرامة أن يسكت عن هذا الفساد أو أن يقبل هذا العار، فثأرت جموعه وانطلقت في الشوارع والميادين شبابا وشيوخا، صغارا وكبارا يهتفون بسقوط خورشيد وجنوده)).
4- مطالب المصريين وموقف خورشيد منها:
((ولقد لجأت جموع الشعب الثائرة إلى المشايخ والعلماء كان لهم في هذا الوقت مكانة عظيمة عند الناس، وكانوا موضع احترامهم وتقديرهم، ولهذا وثقت بهم طوائف الشعب والتفت حولهم، ورضيت بقيادتهم وزعامتهم.
وحول دار المحكمة العليا تجمعت جموع الشعب وطوائفه، مع المشايخ والعلماء؛ لتقديم مطالبهم إلى هذا الوالي الأحمق، وتتخلص هذه المطالب في خروج الجنود الأجانب من البلاد، وعودة المواصلات بين الوجهين البحري والقبليِّ، مع عدم فرض ضرائب جديدة من غير موافقة العلماء وزعماء الشعب، وأُرسلت هذه المطالب إلى خورشيد، حيث كان متحصنا في قلعته.
وبدلا من أن تيرك حقيقة الأمر ويمنح الشعب حقوقه ويخضع لرغباته العادلة ضحك وسخر وأنكر حق الشعب في هذه المطالب)).
5- طوائف الشعب تحاصر قلعته خورشيد:
((ولمَّا علم العلماء والزعماء عدم قبول الوالي مطالبهم ازدادوا غضبا وثورة، وقرَّروا خلعه وأعلنوا قرارهم للجموع الكثيرة التي كانت تتزاحم كل يوم حولهم، فما كان من الشعب الثائر إلَّا أن قرر محاصرة خورشيد في قلعته.
واندفعت الجماهير يا ولدي مزودة بالسلاح والبنادق تُحاضر خورشيد في قلعته.
أبت طوائف الشعب أن تترك مكانها حتَّى يخضع خورشيد لإرادتها ومطالبها أو يرحل عن هذه الدِّيار)).
6- خورشيد يحاول إنهاء الحصار:
((وطال حصار الشعب للقلعة فلم يجد خورشيد مفرًا من أن يرسل رسوله مرة ثانية ليقول للسيد عُمر مَكرم:
"كيف لا تُطيعون أولى الأمر منكم وأنتم رجال الدين؟"
فردَّ السيد عُمر مَكرم قائلا:
"نحن لا نُطيع إلَّا الوالي العادل وخورشيد أبعد ما يكون عن العدل والرحمة، أية طاعة تجب على الشعب لهذا الوالي الذي استبد وطغى؟
أية طاعة تجب على الشعب لهذا الوالي الظالم الذي لا يعرف غير السَّلب والنَّهب والتَّعذيب؟
أية طاعة تجب على شعب سلبه هذا الوالي الأحمق حريته وكرامته؟"
وأخيرا صاح السيد عُمر مَكرم في وجهه قائلا:
"قل لخورشيد إنه ليس الوالي الذي تجب على الشعب طاعته")).
7- إرادة الشعب تعزل خورشيد:
((وظل الشعب يا ولدي يحاصر خورشيد في قلعته، معلنا أنه لن يتخلى عن مطالبه ولو كره الوالي وجنوده، وأمام إصرار الشعب وإرادته، وجد سلطان تركيا، أنه لا مفر من خلع هذا الوالي الظلم تهدئة لهذا الشعب الغاضِب الثائر.
وأرسل هذا السلطان إلى خورشيد يقول له:
"لقد أدركنا غضب الشعب المصري وتمرده عليك وحصاره لقلعتك وأدركنا أنه من الخطأ تأييدكم في سياستكم التي أثارت الشعب، ورأينا أنه لا بُد من عزلكم تحقيقا لرغباته واستجابة لمطالبه".
هذه صفة من صفات شعبنا التي يجب أن تُباهي بها وتُفاخر)).
0 تعليقات
نهتم بتعليقاتكم التي تفيدنا وتحفزنا في المزيد من خدمتكم