التحليل العلمـي للأغــاني والموسيـقى
منذ طفولتنا - نحن البشر- في معظم بقاع الأرض نستمع للأغاني وإذا كان عدد سكان الأرض يتزايد عن 7 مليار شخص، فإن نسبة المستمعين للأغاني أو الموسيقى حوالي 98% من البشر، ونسبة المكتئبين تقرب نفس النسبة ، ونسبة المنتحرين تتزايد يوم بعد يوم ، ونسبة الكُسالى تتزايد، بالرغم من التقدم الهائل والتحول الذي شهدته البشرية واستخدامهم لنعم جديدة لم تكن موجودة من قبل، إلا أن نفوس البشر لم تتقدم أو تتحسن ، بل زادت سوءًا ومرضًا، بالرغم من التحسن في طريقة العيش للبشرية من الناحية المادية والمدنية ، إلا أن نفوسهم صارت هشةً وضعيفة ، بالرغم من انتشار صالات الرياضة والجيم والعيادات الطبية والعيادات النفسية إلا أنْ صار الإنسان سريع المرض الطبي وسريع الغضب، سريع التحول من السعادة (الفرح) إلى الحزن الشديد ، وبدأت رحلة الانتحار، سلْ نفسك سؤالًا ( هل كل هذا له علاقة ببعض أو له سبب مشترك ؟) بمعنى هل الواقع هذا له علاقة بالموسيقى والأغاني .. حاولنا في هذه المقالة عرض تحليل للأغاني والموسيقى ..
طبيعة الإنسان
إن الله - سبحانه تعالى - خلقك بكامل تقويمك (الجسد، النفس) وجعل هناك صلة متينة وعلاقة قوية بينهما ، كما جعل لك صلة ولغة بينك أنت وبين الطبيعة، ياترى ما هي الأدوات التي تتصل بها (جسدك) مع (نفسك)، هي (الأذنين، القلب، والعينين) مع (السمع، البصيرة، الروح)، " وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّنۢ بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْـًٔا وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلْأَبْصَٰرَ وَٱلْأَفْـِٔدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ "،ومن سورة الملك | " قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۖ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ (23) ".. إذن فأهم الوسائل - معك - في الحياة عمومًا، هي السمع والأبصار والأفئدة ، بل إن لخصنا الحياة كلها أو لخصنا طبيعة الإنسان كله يتلخص في (ما تفكر فيه - ما تشعر به) + (ما تسمعه - ما تراه) + (ما تفعله - ما لا تفعله) ..
طبيعة الصوت
إن الأصوات هي إحدى لغات العالم (الطبيعة) بكل الأحياء فيه، فالسمع يعتبرأهمَ وسيلة في الكون ، بل هي أول وسيلة للكون، فالسمع شئ ضروري لكل الأحياء، فكما رأينا أن السمع مذكور في القرآن بعد خروج الطفل من بطن أمه ، بل جعله أول وسيلة لتلقي العلم، والعلم هنا معناه أي معلومة في الكون ، ثم ذكر البصيرة، فكما أن الأذن والعيون هي نقطة اتصال بين الإنسان ونفسه، وأيضًا القلب هو ملخص أهم شئ يجعلك متصل بينك وبين نفسك ، فإن كان للقلب أوردة تضخ الدم له يوزعه إلى باقي خلايا الجسم ، أيضا له أوردة تضخ له الأفكار والمشاعر والبيانات والمعلومات من الكون إلى القلب ليتوزع إلى كل نقطة في نفسك، إذن فالسمع والبصر من أهم الأشياء التي تؤثر على تفكيرك وعلى مشاعرك وبالتالي تؤثر على أفعالك، وبالتالي تؤثر على مصيرك وكل حياتك، فسبحان الله الذي بيَّن لنا أن السمع والأبصار أهم من الفم ، وكأن الله يشير لنا أن السمع والتفكير أهم من طعامك (التغذية) بعينه ، قديما كانوا يقولون أن ( الموسيقى غذاء الروح)، والآن نقول أنَّ (الصوت غذاء النفس)
إذن، نقرُّ الآن أن الصوت هو غذاء القلب، والمقولة القديمة الشهيرة بـ(الموسيقى غذاء الروح) ليست لها أي وجه من الصحة من الناحية العلمية، لأن الموسيقى جزء ضئيل جدًا من السمع، أو هو صوت من الأصوات في الطبيعة ، فليست كل الطبيعة موسيقى، فالصوت هو لغة أو إشعار لتواصلك مع الطبيعة أو رسائل منه، وبما أن هناك تنوع في المخلوقات هناك تنوع في الأصوات، فمنها ما نسمعه بأُذننا ومنها لا نسمعه بأذننا لكن نشعر به وندركه في قلوبنا، ومنها ما لا ندركه، لكنه موجود في الطبيعة ، كما أن الصوت هو مخلوق شبه معنوي / شبه خفي ، أي بمعنى أن هذا الصوت مخلوق شبيه بالهواء تتفاعل معه لكنك لا تراه أو تتذوقه، بل ترى تأثيره في الكون وفيك .
صوت الطبيعة
إن الطبيعة تُناديك وتتفاعل معك ، إنَّ الملائكة إحدى مخلوقات الله وهي جنود الله في الأرض والسماء وهي المتحكمة في الكون بمعنى أنها الإدارة لكل ما يدور في الكون لكن هذا بأمر من الكبير الله سبحانه وتعالى هو المهمين، كذلك الجن وكذلك الشياطين، فكما أن للملائكة أصوات والجن أصوات والشياطين أصوات، فالطبيعة مليئة بالأصوات ، إذن فمن الحكمة الحذر منها والتحكم فيما نسمع ، وبما أن الأغاني صارت منتشرة بطريقة كبيرة وصارت من الأشياء المسموعة والمنظورة تعالوا نحللها ..
طبيعة الأغاني
إن الأغاني هي شئ مصنوع جديد أو مُستجد ومستحدث من البشر لم تكن موجودةً من الطبيعة نفسها ولكنها صارت موجودة بمرور الزمن ، ومكونات الأغاني التي صُنِعَت منه هي (كلمات) (موسيقى) و (ألحان) تربط الكلمات بالموسيقى، أو تربط الموسيقى بالأغاني ، ثم تطورت إلى أن صارت مرئية بمعنى أن يكون هناك صور متحركة (فيديو) مناسبة للكلمات او الموسيقى التي تُبث ، إذن فهناك نوعان من الأغاني (صوتي)، (صوتي مرئي) كما بالرسم التوضيحي:1- الجزئ الصوتي : إذا كنا نحسب نسب تكوين الأغاني فتكون نسبة الكلمات تتراوح ما بين 50% أو 70% و الموسيقى تتراوح ما بين (30% :50%)، وفي بعض الأحيان تكون نسبة الموسيقى أعلى من نسبة الكلمات، أما اللحن فهو موجود في الكلمات والأغاني، وكذلك بمثابة رابطة بين الكلمات والأغاني وهذا ما وضحناه في الرسم التوضيحي شكل رقم (1) ..
تأثير الجزء الصوتي :
إن تأثير الجزء الصوتي يعتمد على جودة مكوناته ( الكلمات، واللحن، والموسيقى) بمعنى أن الرابطة الثلاثية معًا تؤثر على المستمع للأغاني:
- فالكلمات : تُمثل معلومات أو تُخاطب الجزء الفكري للإنسان ، وكأنه أول سهم يدخل القلب .(سهم التفكير)
- الموسيقى : تُمثل الجزء الشبه معنوي بمعنى هو شئ موجود لكن الإنسان لا يراه بل يسمعه . (سهم الغيب)
- اللحن : يُمثل الجزء الأكبر في تأثير الصوت الداخل لقلب الإنسان وكأنه قوة دفع السهم نفسه إلى القلب وهذا يُسمى ( سهم المشاعر)
أما عندما جاءت الصور المتحركة (فيديو كليب) أو الأفلام ، كان تأثير الأغاني أكبر على الإنسان بـ(جسده ونفسه)
2- الجزء الصوتي المرئي :
كما هو أعلاه مُوضَّح أمامك في الرسم التوضيحي شكل رقم (2) أن هناك دخيل جديد قد دخل على الرابطة الثلاثية، وزادها تماسكًا وقوة في التأثير، بل زادت التأثير على الإنسان المسكين ، وإليك التوضيح :
كما بيًَن أن نسب الكلمات والموسيقى تتراوح ما بين النصف والآخر، لكن عند دخول عنصر المشاهدة صارت الأغاني مسموعة مرئية وهنا صار التأثير مٌضاعف ، كما ذكرنا في بداية المقالة أن السمع والبصر من مداخل الأشياء إلى القلب ومنها إلى النفس، وفمن هنا أصبحت الأغاني من أقوى التأثيرات على القلب ومنه على النفس وإليك شئ من التفصيل ..
عندما تستمع إلى أي أغنية راقب نفسك حينها :
1- عندما تكون ساكنًا : تستمع إلى الكلمات بلحنها مع الموسيقى تدخل قلبك بالأفكار والبيانات التي تحملها الكلمات، وتأتي الموسيقى لتزيد من عمق البيانات الدخيلة على قلبك ومخك ، وإذا كانت المعلومات موجودة من قبل ، يأتي دور الموسيقى في إشعال هذه الأفكار إلى أن تتحول إلى مشاعر ومنها يرسل قبلك هذه النتيجة إلى نفسك ومنها تتحول نفسك من ساكنة (أمَّارة - لوَّامة - حزينة - مكتئبة) أي تتزداد في الشعور الذي أتى من قلبك نتيجة دخول الأغنية به، وإذا كانت البيانات التي تحملها الموسيقى هي معاني حميدة تجعل قلبك متعلقًا بالأغنية نفسها لا بالمعاني الحميدة أو بالإشعارات التي تُرسلها الموسيقى أو بالتي تذكرك به كالماضي الذي تكرهه ..
أما إذا كنت تشاهد أغنية فذاك أكثر تأثيرًا عليك أو بمعنى أوضح هذا أكثر ضررًا في المستقبل سيحتفظ في مخك شكل الصور المتحركة مع الكلمات الجميلة التي تُبث مع اللحن الجذَّاب مع الموسيقى الساحرة ، والآن دخلت يا صديقي في حالة إدمان لا محالة ..
2- عندما تكون متحركًا : تستمع إلى الأغنية قد تستمر في فعلك أي إن كان فعله ، ولكن قلبك يُركز على الكلمات بلحنها والموسيقى، وقلبك في هذه الحالة يشتعل بمعنى أفكارك تتقلب مع الأغنية مثل حال الذين يفعلون التنويم بالإيحاء والتخيل ، فخيالك يزداد إما بالفرح أو بالحزن، فمهما كان نوع الأغنية حتى إن كانت تحفيزية او دينية هي ستدخلك إلى حالة إدمان لها ، وستصبح مشاعرك متبلدة إلى أن تسمع تلك الأغنية، أو إيمانك خامل ولا يزداد إلى بسماعها وأصبحت يا رفيق مثلك مثل المدمن للكحوليات، لا يهدأ ولا يعود لحالته الطبيعية إلا إذا أخذ الجرعة (الأغنية) ..
فتجد نفسك تتحول حالاتك عند استماعك إلى أي أغنية، إذن فهناك تأثير عليك منها ، فلا تُنكر ذلك ، أنا لا أقول لك استمر في سماعك، ولكني أبيِّنُ لك ما يحدث فيك وأنت لا تدري، لعلها تكون نهاية لشئ وبداية لشئ آخر، فإذا كنت حزينًا مكتئبًا، فقيرًا مريضًا، كن على علم أن الأغاني لها نسبة كبيرة في ذلك ، وتأثير الأغاني أكبر بكثير من هذا، لكننا حاولنا تخليص لها بالرغم من طول المقال، إلا أننا لم نُحسم كل الأمر من نواحيه..
تأثير الأغاني العام
لا توجد أي أغنية إلا ولها تأثير من ثلاثة (فرح شديد - خوف - حزن)
1- الفرح الشديد : وهذا قد تكون مدته لا تتجاوز الخمس دقائق ، وتتكرر كلما تسمع الأغنية ، لكن هذا الفرح الشديد يُنسيك جوانب كثيرة في حياتك، وهذا طغيان في الميزان وفي قوانين الحياة .
2- الحزن : وهو شعور تحول إلى إحساس وحالة مسيطرة عليك وعلى كل تفكيرك، فأصبحت ترى الماضي وكأنه حيٌّ أمام أعينك، وصار التخيل ، هو طريقة عيشك ، ولكنه تخيل فيما تكره، وكذلك أصبحت تٌفكر فيما عكس تريد ، ووضعت أقدامك على طريق الاكتئاب يا صديقي .
3- الخوف لغير الله : وهو شعور تحول إلى إحساس وحالة مُسيطرة عليك من كثرة سماعك لبعض الأغاني ، وهذا جعلك معزولًا عن الحركة أوي بمعنى أدق المستقبل ، فأصبحت خائفًا بل مرعوبًا من فكرة ما هو قادم .
هناك تأثير رابع ألا وهو التحفيز، وهو أنك تسمع لأغنيه ما تحفزك على قيام بفعل ما ، وتنشط أفكار داخلك إلى أن تتحول إلى شعور ثم إلى إحساس وهذا النوع شبيه بالنقطة الأولى وهي الفرح الشديد، لأنك سرعان ما تنتهي الأغنية ويعود إحساسك بارد ما كان ، حتى إن قمت وفعلت الفعل الذي تحفزت من خلاله، ستضطر أن تسمع الأغنية لأنها هي التي تحفزك ، وكأنها ضميرك الحي يا صديقي وهنا أيضا ستدخل في حالة إدمان .
الخلاصة :
إن الله كرَّم بني آدم أحسن تكريم في الكون ، وجعلك سميعًا بصيرًا لما حولك لا لجزء ضئيل جدًا ، فأنت أكبر من أن تُحصر كل حياتك على الاستماع للأغاني أو تجعل جزء من يومك للاستماع أو المشاهدة لها، إن القطيع البشري معظمه يفعل نفس الروتين حتى إن كان يضرُّه ، لكنه أعتاد على ذلك يترقب كل ما هو جديد من الأغاني كي يشعر بالسعادة، وفي الحقيقة أنك تفعل العكس تمامًا ، في أنك تريد أن تكون سعيدًا وفي الحقيقة تجد نفسك مُنجذبًا إلى الأغاني الحزينة، يمكنك التفحص في الأغاني الأكثر شهرة ستجدها إما حزينة وإما شهوانية، تُشعل داخلك الشهوة أو تُظلم قلبك بالحزن ، كما أنَّ الأغاني تُبعدك عن أفضل علاقة وهي علاقتك بنفسك ، كما تجلب إليك الفقر التام وتسرق منك طاقتك التي منحها الله إياك .
تحذير استخدام هذه المعلومات بطريقة أكاديمية دون الإشار إلينا ، فجميع الحقوق محفوظة لدى موقع www.kahlawyhassan.com
شارك المقال لتنفع به غيرك
0 تعليقات
نهتم بتعليقاتكم التي تفيدنا وتحفزنا في المزيد من خدمتكم